شريط الاخبار

قائمة

في ذكرى العظماء .. الشهيد الإعلامي: عبد السميع بن ناصر الحداء - رحمه الله- (الجزء الأخير)

للكاتب: عبد العزيز بن محمد الأسلمي
صحيفة المسرى العدد 18 - الأحد 4 ذو القعدة 1437هـ - 7 أغسطس 2016م

-------------------------------------------------------------

استمر شهيدنا في العمل في المجال الإعلامي وانتقل من الجانب الصحفي إلى الإنتاج المرئي وتدرب على ذلك ثم كانت باكورة أعماله المباركة فيلم "مسيرة جهاد" الذي كان يتحدث عن سيرة اشيخ أبو سفيان الشهري رحمه الله فشارك بشكل كبير في التخطيط والفكرة والتنفيذ وأعمال المونتاج، وكان الجهد الأكبر عليه في جمع المادة والتنقيب في الإرشيف الكبير عن أي لقطة أو مقطع للشيخ أبي سفيان، ثم تابع كل الدورات والمحاضرات والدروس التي قدمها الشيخ أبو سفيان -رحمه الله- وكان من أهم أفكاره أن ندعم الأفلام بكلمات للشيخ عبد الله عزام -رحمه الله- وأذكر أنه تفرغ قرابة الشهرين على الأقل ليعيد مشاهدة كل الصوتيات والمرئيات للشيخ عبد الله عزام واختار منها مقاطع في غاية الروعة لتكون ضمن الفيلم، ولما بدأ مع الإخوة في الفيلم كانت الفكرة أن يكون الجزء الأول عن تشكل فكر وعقلية الشيخ أبي سفيان وما هي العوامل التي أثرت فيه، ثم يكون الجزء الثاني حكاية عن جزء من تاريخ المجاهدين في جزيرة العرب حسب ما عايش الشيخ أبو سفيان، ثم لما جاء الجزء الثالث قال شهيدنا عبد السميع: "نريد هذا الجزء أن يتحدث عن أبي سفيان الإنسان" وقد نجح في ذلك رحمه الله ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته، وقد ركز في الجزء الثالث على معالجة النفوس والاهتمام بالجانب التربوي للمجاهدين وانتقى لذلك أفضل ما يوجد في أرشيف الشيخ أبي سفيان، وكان يردد كلمة الشيخ عندما قال: "كثير من مشاكل الجماعات الإسلامية أصلها نفسي وليس خلافاً منهجياً أو عقدياً" وكان يقول لي: "هذا عين ما سمعته من الشيخ أبي فراس السوري -رحمه الله- حيث كان يقول أعرف من المشايخ من يصده عن المجاهدين مجرد الكبر ويأنف أن يتفوق عليه تلاميذه" وقد كان لشهيدنا علاقة وثيقة بالشيخ أبي فراس السوري -رحمه الله- عند إقامته في صنعاء وكان يتردد عليه كثيراً وكان أثيراً عنده بل وكان أمين سره، يقول دخلت على الشيخ في مكتبته وكانت تملء الأرجاء، فدهشت لكمية الكتب التي تحتويها مكتبته ثم دهشت مرة أخرى لموسوعية الشيخ ومدى اطلاعه وفهمه وتبحره في مجالات عدة، فهو عسكري متمرس متقن، وطالب علم قد رسخت أقدامه، وصاحب فكر ناضج واطلاع واسع على التاريخ والتجارب، وهو مع كل ذلك الأديب الأريب الشاعر، يقول يوماً جئت إليه في مكتبه وكان في غاية الاستغراب والدهشة وكان ذلك واضحاً على محياه وكان مما قاله "يا عبد السميع انظر إلى هذا الرف في المكتبة علم الطبوغرافيا الآن جاء القوقل إيرث واختصر المسافات" يقول ثم بدأ يشرح لي كم اختصر الكمبيوتر والأنترنت من مسافات لا يشعر بها الجيل الجديد، ثم أسندت مؤسسة الملاحم إلى الأخ عبد السميع عدد من الأفلام فأخرجها على خير وجه كان مما أتذكره منها "غزوة الأسيرات" ومنها كذلك "ردع العدوان الجزء الرابع"، ثم اتجه إلى ولاية البيضاء ليقوم بزيارة ميدانية ويجمع المادة لفيلم يحكي سيرة الشيخ طارق وقائد الذهب -رحمهما الله-، ومكث في تلك المناطق فترة من الزمن يتنقل بين الناس ويدعو إلى الله ويشارك مع الإخوة في العمل الإعلامي والعسكري، ثم التقيته في شهر ذي القعدة من عام 1435 هـ ومكثنا سوياً لا نفترق حتى قتل -رحمه الله- وكان في تلك الفترة منشغلاً بإخراج فيلم "ملحمة الشريعة وتضحيات القادة" فقام عليه لوحده هو المخرج وهو المونتير وهو كاتب السيناريو وهو كاتب النص، وكنا يومها في وضع شديد وظروف متقلبة لكن إصراره كان أعظم من كل الصعاب وجلده كان أشد من تلك المحن، حتى جاء اليوم الذي اصطفاه الله فيه وهو خارج في عدة مهام جمع مادة لفيلم "الشيخ الشهيد علي بلكرع الكازمي" و تصوير وصايا عدد من الاستشهاديين والمشاركة في تدريب عدد من الإعلاميين المستجدين، فأنجز أعماله وعلى غير ميعاد اصطفاه الله شهيداً مع ثلة من المجاهدين على رأسهم الشيخ "حارث النظاري" -رحمهم الله جميعاً-، وإنه لا يعلم إلا رب السموات والأرض كيف فعل بي فراقهم.. وقد كتبت يومها تعزية إلى الشيخ أبي بصير -رحمه الله- في هذه الكوكبة بثثت فيها لوعتي وأحزاني وكان مما ذكرته عن الأخ عبد السميع: "أما عبد السميع فقد كان شعلة لا تخبو وطاقة كبيرة لا تفتر.. لله هو كم يعجز الكلام عن رثاءه والحديث عن مآثره.. ولست مبالغاً إذا قلت أنه كان شيخي وأحد الذين تربيت على أيديهم وكان رحمه الله ينصحني ويعظني.. فمن لي بمثله.. صديق صدوق وناصح مشفق وقدوة حسنة.. وأحسبه من أولئك الذين يستنزل بهم النصر وتستدفع بهم المكاره.. وأشهد بالله أني ما رأيت في مروءته وتفانيه إلا القليل.. وقد كنت أفكر كثيراً كيف لي أن أعيش بعد فقده فاصطفاه الله وتخلفت في ركاب المتخلفين لذنوبي وتقصيري ولأنني لا أصلح أن أكون مع هؤلاء الطاهرين كما نحسبهم" انتهى.

شارك :

التسميات:

عن الصحيفة

صحيفة عالمية أسبوعية تهتم بالقضايا الإسلامية [[ أخبار - مقالات - دراسات - لقاءات ]] رﺋﻴﺲ اﻠﺘﺤﺮﻳﺮ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺒﺪ اﻠﻐﻨﻲ

هناك تعليق واحد في ''في ذكرى العظماء .. الشهيد الإعلامي: عبد السميع بن ناصر الحداء - رحمه الله- (الجزء الأخير) "

اضف تعليق
  1. رحمه الله تعالى وتقبله والشهداء
    { ويتخذ منكم شهداء }..
    هو تعبير عجيب عن معنى عميق - إن الشهداء لمختارون. يختارهم الله من بين المجاهدين, ويتخذهم لنفسه - سبحانه - فما هي رزية إذن ولا خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد. إنما هو اختيار وانتقاء, وتكريم واختصاص.. إن هؤلاء هم الذين اختصهم الله ورزقهم الشهادة, ليستخلصهم لنفسه - سبحانه - ويخصهم بقربه.
    ثم هم شهداء يتخذهم الله, ويستشهدهم على هذا الحق الذي بعث به للناس. يستشهدهم فيؤدون الشهادة. يؤدونها أداء لا شبهة فيه, ولا مطعن عليه, ولا جدال حوله. يؤدونها بجهادهم حتى الموت في سبيل إحقاق هذا الحق, وتقريره في دنيا الناس. يطلب الله - سبحانه - منهم أداء هذه الشهادة، على أن ما جاءهم من عنده الحق ; وعلى أنهم آمنوا به, وتجردوا له, وأعزوه حتى أرخصوا كل شيء دونه ; وعلى أن حياة الناس لا تصلح ولا تستقيم إلا بهذا الحق ; وعلى أنهم هم استيقنوا هذا, فلم يألوا جهداً في كفاح الباطل وطرده من حياة الناس, وإقرار هذا الحق في عالمهم وتحقيق منهج الله في حكم الناس.. يستشهدهم الله على هذا كله فيشهدون. وتكون شهادتهم هي هذا الجهاد حتى الموت. وهي شهادة لا تقبل الجدال والمحال.

    ردحذف

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM