بواسطة
محمد رفعت -
الأربعاء، 10 أغسطس 2016
-
لا تعليقات
الشيخ: عبد الله المحيسني
صحيفة المسرى العدد 18 - الأحد 4 ذو القعدة 1437هـ - 7 أغسطس 2016م
----------------------------------------------------------
أمتنا الحبيبة.. إخواننا في العالم الإسلامي أجمع.. أهل السنة جميعاً حياكم الله وحيا الله محياكم حيا الله وقفتكم وحيا الله نصرتكم وحيا الله تأييدكم حيا الله مؤازرتكم وحيا الله ثباتكم حيا الله وجوهكم النيرة..
أستغل هذا المنبر صحيفة المسرى في هذا الوقت العظيم من أوقات المسلمين في هذه الأيام في أيام الله المباركة لأضع بين أيديكم هذه السطور علها أن تجد في قلوبكم موقعاً حسنا..
أقول أيها الإخوة قبل النفير إلى بلاد الشام مهاجراً ومناصراً إخواني كنت أتأمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام) وحيث أنني كنت قبل النفير كثير التجوال والسفر فقد زرت بلاد الشام مرات عديدة وبالتحديد زرت سوريا فكنت أوازن وأقارن بين حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أرض الشام وعن ما أراه بعين الواقع في سوريا فأقول صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكذبت عيني.. ولكن هذا الواقع لابد له أن يتغير، وبالفعل جاء التغير، ولكن أصدقكم القول لم أكن أظن أن يكون التغيير على يد أطفال صغار لا يملك أحدهم أن يحمل بندقية، جاء هذا التغيير واهتز عرش الطاغية وتخلخلت جيوشه بصرخات جلجلت من أفواه أطفال صغار وأقول لعل من حكمة الله سبحانه وتعالى أن من أطلق هذه الثورة التي ستغير خارطة المسلمين وخارطة المنطقة هم أناس بسطاء بينهم أطفال صغار، وكأنها رسالة من رب العالمين أن هذه الثورة هي ثورة متكفل بها.. أن هذه الثورة هي ثورة البسطاء ثورة فطرة.. فالأطفال لا يمثلون تياراً ولا حزباً فصيلاً لذلك.. كنت دائما ولازلت أقول عند كل نازلة أو كل حادثة تلم بالمسلمين وتقض مضاجعهم وتثير أحزانهم أقول لا تخافوا "دعوها فإنها مأمورة".. وكم ارتقيت منابر سوريا بعد الثورة والجهاد أخطبهم حول هذا الموضوع "دعوها فإنها مأمورة"، من أول يوم كانت الثورة مأمورة حينما قامت على يد أطفال فلم يخطط لها فصيل ولم ينشئها حزب ولقد كانت مأمورة أن تخرج بحناجر فطرية مؤمنة تحمل فطرة الإسلام واصله، ثم تتابعت الأحداث بعد ذلك في كل مرة يقول الناس "هذه هذه" فنقول "دعوها فإنها مأمورة" حتى جاءت أحداث الخوارج التي كانت من أشد ما رزء به المسلمون في الشام كنا نقول لمن قال على المهاجرين أن يعودوا إلى أرضهم نقول بل عليهم أن يبقوا ويحافظوا على جهادهم فإن ثورة الشام مأمورة وإنها مكفولة بكفالة الله، وبالفعل زالت تلك الفتنة واندثر وخمدت نارها وخبا أوارها وانطفئ وهجها، وبقي نور الإسلام، ونور المنهج الصافي الإسلامي الصحيح وتلاحم المسلمون وعظوا على آلامهم ونهضوا من جديد خبا نورة الخوارج وبقي نور السنة..
مرت بعد ذلك أحداث شديدة منها التدخل الروسي قبل سنة ونيف، فقال الناس "هذه هذه" فكنا نقول لهم دعوها فإنها مأمورة، ها نحن اليوم نعيش فصلاً جديداً من فصول كفالة الله لأهل الشام، من كان يظن أو يصدق أو يتصور أن جيشاً مسلماً مشكل من فصائل متناثرة تمر بأضعف حالاتها إذ أن التفرق ضعف ولابد، ومع ذلك يتدخل الروس بجحافلهم وبجيشهم الجرار الذي يشكل ثالث أقوى جيش في العالم ويتدخل الإيرانيون بقوتهم وترسانتهم العسكرية ويتدخل حزب اللات بصفوفه المنظمة والمدربة ويتدخل النجباء والحيدرون والفاطميون والزينبيون ويقاتلون المسلمين وهذه الفصائل المتناثرة سنة وزيادة من القتال الشرس ثم يظهر عليهم المجاهدون والثوار بعد كل هذا القتال بقوة تضاعفت مرتين عن قوة هذه الدول الغازية قبل تدخلها، إنه مصداق قول الله: (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) لو كره الروس لو كره الإيرانيون لو كره الحيدريون لو كره النجباء، لو كره الزينبيون لو كره الفاطميون لو كره العالم أجمع يأبى الله إلا أن يتم نوره..
"إنها مأمورة" إنها رسالة من الله سبحانه وتعالى لهذا الجهاد الشامي، "إن الله تكفل بالشام وأهلها" وإننا نتفيأ ظلال هذه الكفالة المباركة من رب العالمين نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتممها، ولعل من أبهى صور الكفالة الربانية أننا قبل شهر من بدأ ملحمة حلب الكبرى التي نعيشها هذه الأيام، اجتمع العسكريون وكنت أحد المجتمعين كطالب علم مع إخواننا فكان الإخوة يتناقشون ويقولون أمامنا عقبة كأداء في الهجوم على حلب لتحريرها ألا وهو "معامل الدفاع" ولكن صواريخنا لا تستطيع اسكات تلك النار.. وما كنا نقدر على إسكات نيران هذا المعمل الذي هو ترسانة عسكرية حقيقية تدفع بحمم نارها على كل من يحاول التحرك لضرب قوات العدو في حلب، وإذا بنا قبل أن تبدأ المعركة بعشرة أيام نفاجئ بمآذن الجوامع في سوريا جميعاً تكبر والمراصد تنشر خبر مفاده تدمرت معامل الدفاع ودمر الله على أصحابها قوتهم (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه لأليم شديد) فرأى الناس أثر التفجير على بعد عشرات الكيلو مترات والنيران تضطرم لتحرق قادتهم ونخبهم ومصنعيهم وكوادرهم تمهيد من الله سبحانه وتعالى لهذه الملحمة الكبيرة، نعم لا نعجب "إنها مأمورة" لم ينته الأمر هنا، بل ومع بدء العمل العسكري يبدأ الطيران الروسي بالقصف الشنيع على مواطن المجاهدين فإذا بالله سبحانه وتعالى يسقط مروحية روسية على متنها ضباط وجنود لتكون رسالة من الله سبحانه وتعالى إلى المجاهدين أن من كان معه الله فلن يضيعه الله.. لم تنتهي القصة هنا بل اقتحم المجاهدون في سبيل الله بكل قوتهم على مدرسة الحكمة التي استعصت أربع سنوات وخاض المجاهدون عليها هجمات متتالية لتتحرر هذه المدرسة في نصف ساعة بفضل الله سبحانه وتعالى وبتوفيقه، لذلك نقول "إنها مأمورة" نعم إنها ثورة مباركة أعادت لأمتنا أمجادها وعزها ولم تنتهي حقيقة هذه الملحمة مازالت فصولها تسطر ومازالت أحداثها تكتب بالذهب وبالماء المعطر ويخطها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..
ختاماً لا بد هنا من تسجيل كلمة شكر لأمتنا التي أفرحتنا بموقفها العظيم المناصر لهذه الملحمة ملحمة حلب الكبرى.
لا أخفيكم.. أنني أحد الناس الذين فرحوا فرحاً شديداً حينما شاهد مشاهير الأمة ودعاتها ومشايخها على مختلف توجهاتهم يتفاعلون في تويتر وفي الفيس بوك وفي سناب شات مع ملحمة حلب الكبرى حتى لاعبي كرة القدم والممثلين والمشايخ الذين عرف عنهم عدم الخوض في هذه المسائل الجهادية ربما خوفاً أو تذرعاً بذرائع أخرى كتبوا في هذه الملحمة وهذا مؤشر جميل جداً في تفاعل الأمة وأحس المجاهدون هنا بأن أمتهم معهم وأحسوا بإخوة الإيمان، لم يكن التفاعل من المشايخ وأعلام ومشاهير الأمة فقط بل أطفال الشام تفاعلوا كذلك.. وهذا الحقيقة من الأمور العجيبة في هذه الملحمة أطفال الشام تفاعلوا تفاعل عجيب جداً فخرجوا أحرقوا الإطارات بكل مكان.. بنفسي عددت من مئتي نقطة حرق إطارات جعلت في الشام غمامة سوداء حالت دون الطيران وأهدافه.. وكأن أطفال الشام يقولون نحن الذين أشعلنا الثورة بهتفاتنا ونحن الذين سنساهم في نصرة هذه الملحمة واختراع سلاح مضاد لطيرانكم إن حجبتم عنا مضادات الطيران.. إنها ملحمة بحق أسماها الناس "ملحمة حلب الكبرى" وهي بحق ملحمة حلب الكبرى وما زلنا نطلب أمتنا مزيداً من التفاعل مع هذه الملحمة وهذه الغزوة المباركة التي نسأل الله أن لا تتوقف بفك الحصار فحسب بل بتحرير كامل حلب الشهباء حلب صلاح الدين حلب الحمدانيين.
شارك :
عن الصحيفة
صحيفة عالمية أسبوعية تهتم بالقضايا الإسلامية
[[ أخبار - مقالات - دراسات - لقاءات ]]
رﺋﻴﺲ اﻠﺘﺤﺮﻳﺮ
ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺒﺪ اﻠﻐﻨﻲ
لا تعليقات في " «دعوها فإنها مأمورة» معركة حلب الكبرى أنموذجاً "